منذ قديم الزمان، والطيور رفيقة الإنسان في الحقول والمزارع، وفي الحكايات والأمثال. وفي الموروث الشعبي المصري، نجد الطيور حاضرة بقوة، إذ تُجسِّد معاني الذكاء والغباء، النشاط والكسل، الشجاعة والجبن، وغيرها من الصفات
في هذا المقال، الذي يتناول الطيور في الأمثال الشعبية المصرية نستعرض بعض الأمثال التي وردت فيها الطيور، ونكشف عن معانيها ودلالاتها، وما تعكسه من نظرة المجتمع إلى هذه الكائنات الجميلة
الطيور على أشكالها تقع
يُقال هذا المثل للتعبير عن أن الناس تميل إلى من يشبهها في الطباع والسلوك. فكما أن الطيور من نفس النوع تطير معًا، فإن الأشخاص المتشابهين في الأخلاق أو التفكير غالبًا ما يجتمعون, يعني كل شخص يميل للشخص الذي يشبهه
الحداية ما بتحدفش كتاكيت
“الحداية” طائر جارح لا يعطي شيئًا مجانًا، ولا يُتوقّع منه أن يُلقي كتكوتًا للناس. يُستخدم المثل عندما يشك الشخص في نوايا من يُظهر كرمًا أو يقدم شيئًا غير معتاد, يعني مفيش حد شرير بيعمل خير إلا لو وراه مصلحة
زي النعامة دافن راسه في الرمل
يُقال هذا المثل لمن يتجاهل المشاكل أو يهرب من الواقع، وكأنه يظن أن تجاهل المشكلة يجعلها تختفي. النعامة مشهورة (وإن كان خطأً شائعًا) بأنها تدفن رأسها في الرمال عندما تخاف, الهروب مش حل، والمشكلة ما بتتحلّش لو طنشتها
دي الفرخة اللي بتبيض له دهب
يُطلق على الشيء أو الشخص الذي يدر ربحًا دائمًا أو فائدة كبيرة لا تنقطع. مستوحى من الحكاية المعروفة عن الدجاجة التي تبيض بيضة ذهبية كل يوم, يعني دي حاجة ثمينة بتجيب فلوس كل يوم
عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة
يدعو المثل إلى القناعة وعدم الطمع، فامتلاك شيء قليل ومضمون أفضل من الحلم بشيء كبير غير مضمون, يعني ما تفرّطش في الموجود على أمل حاجة ممكن ما تحصلش
اللي ما يعرف الصقر يشويه
يضرب هذا المثل في من يجهل قيمة الشيء أو الشخص فيعامله باستهانة أو إهمال. فالصقر طائر ثمين وغالٍ، لكن من لا يعرف قيمته قد يظنه مجرد طائر عادي ويقوم بشوائه كأي طير
تشكرني يا طيري لما تشوف غيري
يُقال هذا المثل على لسان من يتركه الآخرون أو يستبدلونه، ثم يندمون بعد التجربة مع غيره. فيه نوع من العتاب والتشفي، وكأن الشخص يقول: “هتقدّرني لما تشوف الوحش غيري”
أم قويق لو فيها خير ما كانش فاتوها الصيادين
يُضرَب هذا المثل للإشارة إلا أن بعض الأشياء لو كانت ثمينة وذات قيمة ما تركها أصحابها بسهولة , تمامًا كبومة أم قويق الصغيرة التي لا تحتوى الكثير من اللحم فتؤكل ولا يمكن الانتفاع بها كطيور زينة للإقتناء, لذلك إذا ترك لك أحدهم شيئًا تظنه ثمين وأنت تعرف أنه شرير فاعلم أن هذا الشيئ ليس ذا قيمة وإلا ما تخلى عنه ذلك الشخص بسهولة
ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع
يُستخدم للتنبيه إلى أن من يعلو ويتكبر قد يسقط في يوم من الأيام. فلا أحد يظل في القمة دائمًا، فكل من ارتفع مصيره الهبوط. يضرب في الغرور والعلو المؤقت
ابن الوز عوّام
يضرب في أن الصفات أو المهارات تُورث، فإذا كان الأب ماهرًا في شيء فابنه غالبًا سيكون مثله. “الوز” طائر مائي، وابنه يتعلم السباحة بالفطرة
مش كل الطير اللي يتاكل لحمه
يُضرَب هذا المثل للتهديد ولإعلام الشخص المخاطب بهذا المثل أن الناس ليسوا سواء في قبولهم الظلم أو التسليم بالهزيمة وهضم الحق, يريد قائل المثل أن يؤكد أنه مختلف عن غيره وأنه ليس سهل المراس
اللي معاه قرش محيّره يجيب حمام ويطيّره
يضرب في من يملك مالًا زائدًا ولا يعرف كيف ينفقه، فيبذر ماله في أمور غير مجدية لمجرد التسلية، مثل شراء الحمام لإطلاقه دون غرض
أمثلة شعبية حصرية للغراب
يستحوذ الغراب على نصيب الأسد من الأمثلة الشعبية المصرية ويُضَرَب به المثل غالبًا في التشاؤم والنحس رغم أن هذا الطائر الجميل يعد واحدًا من أكثر الطيور ذكاءًا في المملكة الحيوانية
يا ما جاب الغراب لأمه
يقال حين يتوقع الناس خيرًا من شخص، فيفاجئهم بما لا قيمة له. والغراب معروف بأنه لا يجلب شيئًا نافعًا، فإن جاء بشيء فهو غالبًا تافه أو مزعج
يا فرحة ما تمت, خدها الغراب وطار
يضرب عند انقطاع الفرح فجأة أو ضياع شيء جميل في لحظة. فـ”الغراب” هنا رمز للفقدان أو النحس، وكأن الفرح اختُطف من قبل هذا الطائر
الغراب ما ينقرش عين أخوه
هذا المثل منتشر أكثر في الصعيد ويعني أن أصحاب الفساد أو الشر لا يؤذون بعضهم، بل يتسترون على بعضهم البعض. كما أن الغربان لا تؤذي بعضها بنفس الطريقة التي تؤذي بها غيرها
هذا المقال هو الحلقة السابعة من سلسلة “مع الطيور” وهي سلسلة توعوية من إعداد مراقب الطيور ومصور الحياة البرية إسماعيل خليفة وتهدف إلى زيادة الوعي بالطيور البرية وأهميتها في حفظ التوازن البيئي وفوائدها المتعددة للإنسان