بيتر كستنر: الدبلوماسي الذي شاهد طيور العالم – مع الطيور 6

في عالم يجمع بين السياسة والطبيعة، قلّما نجد شخصًا يجمع بين الدبلوماسية والفن الراقي لمراقبة الطيور، كما فعل بيتر كستنر. لم يكن مجرد دبلوماسي أمريكي يتنقل بين القارات، بل كان شاهدًا على تنوع الحياة البرية من وراء العدسات ومن قلب الغابات والسواحل والصحارى. عبر مسيرته الطويلة في العمل الدبلوماسي، تحوّلت رحلاته الرسمية إلى فرص لاكتشاف أسرار الطيور في أصقاع الأرض، من أعالي الأمازون إلى وديان إفريقيا وحقول آسيا.

بيتر كستنر
(Illustration: Lauren Mortimer)

اللي في الصورة ده بيتر كستنر، دبلوماسي سابق من مواليد ٢١ يوليو ١٩٥٣ بولاية ميريلاند الأمريكية، شغل منصب رئيس قسم الشئون القنصلية الأمريكية بالقنصلية العامة في فرانكفورت الألمانية وكبير الممثلين المدنيين الامريكيين في شمال أفغانستان وكبير المفتشين بوزارة الخارجية الأمريكية والمستشار القنصلي بالسفارة الأمريكية في نيودلهي وشغل مناصب دبلوماسية وقنصلية في مصر والبرازيل وجواتيمالا وغينيا الجديدة وكولومبيا وماليزيا وناميبيا

دبلوماسي عادي..مراقب طيور غير عادي

لغاية هنا وإحنا بنحكي سيرة دبلوماسي أمريكي عادي، لكن المميز في بيتر كستنر هو إنه كان مراقب طيور شغوف بهواية مشاهدة الطيور اللي اتكلمنا عنها في المقال الرابع من سلسلة مع الطيور
كستنر مكانش مراقب طيور عادي، لأنه بحكم سفرياته الطويلة لدول كتيرة قدر إنه يشوف طيور كتيرة وكل ما يوصل لعدد من الأنواع شهيته تتفتح أكتر وأكتر.
في أكتوبر ١٩٨٦ استطاع إنه يكون أول مراقب طيور في العالم يشوف طائر واحد على الأقل من كل عائلة من عائلات الطيور الموجودة على وجه الأرض ودخل بسبب السبق ده موسوعة جينيس للأرقام القياسية.
وفي سنة ١٩٨٩ وأثناء ما كان بيتر في جولة مشاهدة طيور بالقرب من العاصمة الكولومبية بوجوتا واللي كان بيشتغل فيها موظف قنصلي، استطاع إنه يكتشف نوع جديد من الطيور محدش كان يعرفه قبل كده وهو طائر كونديناماركا أنتبيتا واللي تمت تسميته على اسم كستنر وبالمناسبة دا طائر لا يتواجد في أي مكان بالعالم إلا في كولومبيا وهو مهدد بخطر الانقراض

بيتر كستنر
الطائر رقم 10000

كبرت قائمة الطيور التي رصدها كستنر حتى وصلت 9999 طائر، لكن وفي ظهيرة أحد الايام من شهر فبراير ٢٠٢٤ وبينما كان كستنر ومساعده زاردو جورنج يبحثان عن نوع من أنواع نقار الخشب في جزيرة مينداناو الفلبينية، إذ سمع صوت طائر غير مألوف بالنسبة له. بعد قليل خرج طائر أخضر ببطن برتقالي من بين شجيرات غابة الهيليكونيا.
لقد كان الطائر رقم 10000 
ألقى كستنر نظرة سريعة على الطائر ونجح في التقاط صورة للتوثيق ثم احتفل -كعادته مع كل مشاهداته- وكافأ نفسه ببعض الآيس كريم

بيتر كستنر
مسيرة حافلة وتواضع جم

مسيرة بيتر كستنر حتى الوصول للطائر رقم 10 آلاف لم تكن مفروشة بالورود، فقد خاض الدبلوماسي المتقاعد مغامرات خطيرة في سبيل رصد الطيور النادرة حيث تعرضت سفينته ذات مرة للغرف في إندونيسيا وضل طريقه في جنوب المحيط الهادئ وكاد أن يصاب بطلق ناري في ناميبيا وواجه غوريلا في الكونغو، لكن شغف الطيور كان أكبر من كل تلك العقبات
وعن شعوره بعد الوصول لهذا الرقم المميز من الطيور يقول كستنر أنه يستمتع بكل شيء يتعلق بمشاهدة الطيور وأنه لن يتوقف عند الطائر ال 10000، مضيفًا: “مراقبة الطيور جزء مني ولا يمكنني التوقف عنها”
كستنر أظهر تواضعًا كبيرًا بالرغم من السبق الذي لم يصل إليه أحد قبله عندما صرح قائلًا: “هناك الكثير من الأشخاص الذين هم أفضل مني في مراقبة الطيور. ولم أتمكن من تسجيل أكبر قائمة طيور في الوقت الحالي إلا من خلال الكثير من الحظ والعمل الجاد.”

بيتر كستنر

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top